الاثنين، 7 فبراير 2011

ألف نيلة ونيلة (المقدمة والنيلة رقم1)

مقدمة
كان يا ما كان..أيام زمان..شعب تعبان..يعيش في بلد غلبان..يستورد القمح ويزرع البتنجان..يحكمه فقر يار السلطان..ويقف علي رأسة مسرور السياف كالديدبان..وينتشر أفراد العسس في كل مكان..كالدبان..يراقبون الناس ع الفاضي وع المليان..وكان للسلطان أميرة..تحب الطبقات الفقيرة..تمشي نهاراً في الطرقات..تسمع الشكاوى والآهات..وتجلس في المساء..الي السلطان أبى البلاء..تحكي أخبار البلاد..وتعدد مشكلات العباد..والسلطان في واد..وفي كل ليلة..تحكي له قصة منيلة بنيلة..وهو لا يفهم..لأنه لا يعلم..فالوزراء المحيطين..جعلوا له ودنا من طين..وأخري من عجين..رغم أن الطين..ومنذ عدة سنين..حلت محله المساكن العشوائية..في كل مدن وقرى المملكة البهية..وشح الدقيق واختفي العجين..ولم يعد هناك طحين..فاستوردوا القمح ذي الحشرات..وفقد الناس حياتهم أمام المخابز بالعشرات..
قرأت وداد..بنت الحاج فؤاد..هذه الحكاية..ضمن صفحات رواية..ووداد تعمل صحفية..في جريدة يومية..كانت تكتب مقالات عن أحوال الرعية..في عهد الحكومة الإلكترونية..الكائنة بالقرية الذكية..وكانت وداد..إذا أمسكت بالقلم ذي المداد..وكتبت عن أحوال البلاد..وما فيها من فساد..وما يقاسيه العباد..وهم يربون فلذات الأكباد..تذهب لتنام..فتسرح في الأحلام..فتدخل باب التاريخ..ودون تزوير أو تلطيخ..يخيل إليها..والنوم في عينيها..أنها أصبحت فقر زاد..الجالسة أمام السلطان ذي العناد..في تلك البلاد البعيدة..والتى هي بين الأمم فريدة..بأسمائها العديدة..فقرستان..قحطستان..هبشستان..خصخصتان. ووزارئها المحترمين..الذين يدخلون الوزارة معدمين..ويخرجون منها وهم أصحاب ملايين..من أمثال..حنكوش الدجال..وهبش زاد..ونتش زاد.. وقحط زاد..وجهل زاد..ولسع زاد..وكل من دخل المزاد..
ومما غطى علي ذلك وزاد..أن رئيس تحرير الجريدة..جاءته أوامر شديدة..من جهات عديدة..بإسكات قلم وداد..الكاشف للفساد..فما كان منها إلا تقديم الاستقالة..وافتتاح محلاً للبقالة..وراسلت جريدة معارضة..لتستمر للنوائب عارضة..فكتبت عن اللقمة الهنية..والناس الحرامية..وعن وفاة ضحية..في طوابير خبز اسكندرية..وعن سعار الأسعار..وأكل لحم الحمار..وعن أطفال الشوارع..والجيل الضائع..وعن القلب المفتوح والطب المفضوح..وهن هجوم الديدان والشعب الغلبان..وعن حكومة الأنابيب موش عاورة زعابيب..وعن العرب العاربة والعرب الغاربة..وعن ما بين أسوان والقاهرة..مصر أم الآخرة..وعن كوارث القطارات وأسوأ النهايات..وغيرها وغيرها من حوادث ونكبات..وأفظع الحكايات..وفيما يلي من صفحات..نسرد عليكم بعض هذه الحكايات.



نيلة رقم (1)
اللقمة الهنية والناس الحرامية
ولما كانت (النيلة الأولي) من القهر الأول من السنة الثامنة من الزفتية الثالثة قالت الأميرة فقر زاد..مرتدية ملابس الحداد..للأمير فقر يار..خارب الديار..وماسح العمار..وهي تحكي عن مصائب العباد..وكوارث البلاد:
بلغني أيها الملك التعيس..ذو الفقر الكبيس..أن البشر في المنوفية..ازدحموا أمام شباك طابونة المعلم أذية..وتجمع منهم لفيف..للحصول علي الرغيف..الذي اختفي في العهد النظيف..وفي سرس الليان..وقف الحاج ريحان..وهو تعبان..يحاول الحصول عليه..أو الوصول إليه..ولما زاد طول الطابور..دعا الحاج علي الظالم المغرور بالويل والثبور وفظائع الأمور..
ولما قال المعلم أذية..للناس المستنية..من قٌبل الفجرية..لبعد الضهرية..خلاص يافنديه..شهق ريحان شهقة قوية..وانتقل الي جنة الرحمن..بعد أن سقط بأزمة قلبية..نتيجة وقوفه م الفجرية للضهرية..مع الناس المستنية..بينما تنطلق من المذياع أغنية..القمح الليلة ليلة عيده..يارب تبارك وتزيده..وهو ملقي علي الأرض فارد أيده..وغير بعيد عن اللمة سمع الناس أغنية.المصريين أهمه..فهجم الجميع..كالقطيع علي المذياع..الذي ضاع..بعد أن حطموه إرباً إربا..وزاغ المعلم أذية هرباً.
وهنا أقبل عبدو الرادار جايب الأخبار ومعه منها المزيد..لمن يريد..ولما سألوه..عما هناك فعلوه..قال بفمٍ مليان..وكأنه شبعان:
اسمعوا يا سادة..لتشربوا القهوة السادة..بلغنا من مراسلنا هناك..في سبك الضحاك..أن العبارة في الشيكارة..بعد تهريب الدقيق وفك الدوبارة..وأن منيا القمح بلا قمح..وأن منيا الفول بلا فول..بعدما أصبحت الأسعار غول..
وهنا انطلق المنشد المغمور..حنفي البعرور وقال وهو مقهور:
م تشوف يا سعادة البيه..العدس بسبعة جنيه
وإزازة الزيت وحياتك.. نطت فوق عشرة جنيه
وقبل أن ينتهي الرادار من الكلام..أقبل أبو الغوغاء جالب الأنباء وألقي السلام..علي الواقفين في مؤخرة الطابور وفي الأمام..قبل أن ينتقل بعضهم الي مقابر الإمام..وأعلن بدون تزويق أن الزقازيق بدون دقيق..وأن المعلمة سمارة زعيمة الحارة نطت في كرش مجلس الإدارة وقالت : يا ميت خسارة..موش لاقيين عيش يسيبوه..وياكلو بداله جاتوه..بس هاتوه..قبل ما أتوه
وهنا تدخل المعلم عليش ملك العيش..وفوقه رداء من الخيش.. وقال بشويش:
قال نابليون..اللي مات مجنون..شرشي لا فيم..بلا غم  بلا هم..يعني ابحث عن المرأة..في الشارع أو الطرقة..وأنا أقول  لبشري وسمير..وسعاد ومنير..اللي واقفين م الفجر طوابير..أنه سيحدث تأخير..لتعطل المواجير..وعشان أريّحهم..ودلوقتي أروّحهم.. أقول لهم..علشان يروحوا لامهم: شرشي لا مَمْ..عشان تاكلوا هَم..يعني فارقونا..وامشوا وسيبونا .
وهنا التف بعض الناس..اللي عندهم إحساس..حول أفندي مستني..إسمه فرحان المتهنّي..وهو يقرأ في الجريد..أخبار عديدة:
وردنا أن زوجة الأستاذ فاروق..خرجت قبل الشروق..الي السوق..وأغلقت بابها علي أولادها..أميمة وكمال..وسامح ومنال..وبعد الظهيرة..طوت الحصيرة..وعادت لبيتها..وهي تحنى ظهرها..نفسها كسيرة..وعينها حسيرة..وفتحت الباب..فوجدت جدران شقتها مغطاة بالهباب..فألقت بالعيش المحروق..ذو الشقوق..ونادت علي أبنائها..فلذات كبدها..فلم يجبها مجيب..أو تسمع صوت ابن حبيب..فانطلقت تولول..وتبسمل وتحوقل..فوجدت رجال المطافي..ومعهم الحاج عبد الكافي..وعبده الاسكافي.. وهو واقف حافي..وقال الحاج أنها لما غادرت البيت..صحا الأولاد ولعبوا بالكبريت..فاحترق المنزل..وتهدّم وتزلزل..وكاد الدخان..يخنق الجيران..بعد أن ملأ المكان..وقال الإسكافي..للحاج عبد الكافي.. أن أولاد الأستاذ فاروق..نقلوا للمستشفي وكل منهم جسده محروق..وأنهم أسلموا الأرواح..وكل منهم مات وارتاح..من مشكلة كل مساء وصباح..ولم تعد أمهم للشقة..ولم تأكل رغيفا ولا شقة..وكان عقابها الأشغال الشاقة..بتهمة الإهمال..والتسبب في وفاة العيال.
وهنا قال الرادار: لا تفكر ولا تحتار..أسمعتم أغنية فرّان حيران..وهو المعلم شعبان..ولما أجابوا بلا..قال لهم: اسمعوا ما حدث في بولاق أبو العلا..أعلن الحاج شعبان الفران..أن اللقمة الهنية لم تعد تكفّي ميه..وإنما توزع علي ألف ومية..خاصة الناس الحرامية..وأنه استكان..وسيغلق الدكان..فليس في الإمكان أوفر مما كان..ولابد من التهريب من أجل التهليب..فالمدعوم بستاشر جنيه..والله يا سعادة البيه..والحرّ بميتين وستين..يعنى فيه قرشين حلوين..والفرق يدخل في الجيوب..المعلم والمفتش الحبّوب..ولما قال أن الرغيف بريال..هاج العيال..واعترض طلبة الطبال..ومرسي الزبال..فمنع الحاج العيش عن الرجال..وأعطاه للنسوان والعيال..فقامت عركة كبيرة..بالأسلحة الخطيرة..والسنج والمطاوي..والقلل القناوي..في اقتتال جماعي...ومدد يا رفاعي
وهنا انطلق المنشد المغمور..حنفي البعرور وقال في سرور:
آمنت أن المستحيل ثلاثة الفول والعدساء والخبز الطريّ
وبعد قليل..وقبل أن يقبل الليل..اجتمع من الناس لفيف..حول شاعر كفيف..يلقى عليهم قصيدة في الخابز الجاهز.. مرسي العفيف..بائع الرغيف:

وكرهناك ياللي هناك واقف من خلف الشباك
وكرهناك وسئمناك وكرهنا اللي ها ييجي وراك
لما تفارق وتريّحنا راح نكسر ميت قلة وراك
يا مجوّعنا و مضحضحنا  وحميرنا غلبت وياك
أبداً أبداً موش راح تفهم
ولا يوم جي فيه راح ترحم 
دى حميرنا أعياها غباك

وقال سعد المجنون: أنه في العهد الميمون ذهبت امرأة للمخبز ورضيعها فوق كتفها..وعادت بالخبز والولد يمشي بجوارها!!
وهنا صاح الحُجّاب..من وراء الباب..يعلنون قدوم الهباب..مسرور الهلاب
فسكتت فقر زاد عن الكلام المباح خشية  سيف مسرور السفّاح
وقالت في دلال وحِنْيّة..موعدنا يا مولاي في النيلة الجاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق