الاثنين، 7 فبراير 2011

ألف نيلة ونيلة رقم (3)

سعار الأسعار ولحم الحمار

ولما كانت (النيلة الثالثة) من القهر الأول من السنة الثامنة من الزفتية الثالثة قالت الأميرة فقر زاد.. مرتدية ملابس الحداد..للأمير فقر يار ..خارب الديار..وهي تحكي كوارث عن العباد.. و مصائب البلاد:
بلغني أيها الملك التعيس..ذو الفقر الكبيس أن المعلم بهروز ملك الكندوز..أطلق صبيانه..في الحتت الخربانة..لجمع الحيوانات النافقة..التي تدر عليه أموالاً متدفقة..فلم يشبع بملياراته..وسياراته وعماراته..فأطلق الصبيان..في كل مكان..يبحثون عن النافق من الحيوان..بعدما نما إلي علمه..أن جَّزور ابن عمه..يبيع لحم الكلاب..أو يحولها الي كباب ويذبح الحمير..ويبيع لحومها للجماهير..ويحصل بذلك علي المال الوفير..فقرر أن يغلبه..وفي السوق يتعبه..فالعملية هايصة..والبلد لايصة..وكله بيهبش..أو يلهف وينهش..إلا المكدود..صاحب الدخل المحدود..والجسم المهدود..المواطن الغلبان..المسكين التعبان..الذي لسعته الأسعار..فأخذ يقول نار يا حكومة نار..المهم في الموضوع..أن بهروز المفجوع..كان يلم الحيوانات الميتة..ويحولها الي لحوم متفتتة..ويعلن للجمهور المهموم..بموضوع الأكل كل يوم..أن هذا لحم مستورد مفروم..بعد أن يخلطه بالبصل والتوم..وكلوريد الصوديوم..لتضيع رائحته المنتنة..ومكوناته المعفنة..ولأن الثمن رخيص..يضع المشترى في حيص بيص..فيقبل الجمهور..من بعد الفطور..ليتزاحم أمام المعلم..الذي يقف ويتكلم:..يابلاش يا بيه..الكيلو بعشرين جنيه..والفلوس نازلة زي المطر..دون أن يشعر بأي خطر..فلا رقابة ولا دياولو..ولو جه مفتش يناوله..مظروف خفيف ..فيه مبلغ ظريف..فينصرف المفتش..دون أن يفتش..ويملأ بهروز الجبان..خزانة الدكان..من فلوس المواطن الغلبان..الذي دوخته الأسعار..وجعلت حياته نار في نار.

وهنا أقبل عبدو الرادار ومعه المزيد من الأخبار..وقال للحاج مختار: المعلم بهروز..ملك الكندوز..بيشتري الكيلو بخمسة جنيه..وبيبيعه بعشرين يا بيه..كمان ما فيش رحمة..سرقة كمان في أسعار اللحمة؟!
وهنا انطلق المنشد المغمور..حنفي البعرور وقال في غير سرور:
اسمعوا يافندية..حكاية الست حُسنية..وهي بالمناسبة صَحفية..تنكرت في زِي بائعة..وأسمت نفسها باتعة..وادعت أنها تعيش عِوالة..بسبب البَطالة..وأنها تريد أن تأكل عيش..في مدبح كعبيش..فصِعبت علي المعلمة الأروبة..زوبة اللهلوبة..فقالت لها تعالي يا حبوبة..وشغلتها عندها..وعاملتها كأنها بنتها..وأخذت باتعة تبيع الممبار..وكأنها بنت جزار..والفشة والعكاوي..لكل واحد غاوي..والكبدة والطحال..الطازة العال العال..شوية وجِه كمال..وهو صبي جزار..وفلوسه بالقنطار..خمسين جنيه يومية..ودي حاجة مية مية..وميتين آخر الأسبوع..واتكلم في الممنوع..قال لباتعة إنه بيحبها..ونفسه يسكن قلبها..فقامت المعلمة زوبة..وبطحته بالطوبة..لما سألها إذا كانت باتعة متجوزة أو مخطوبة..فنفذ من الموت بأعجوبة..وكانت حُسنية..متأكدة مِيه في الِمية..إن الجزارين الضلالية..وصبيانهم الحرامية..بيدبحوا القطط والكلاب..ويبيعوا لحمها علي إنه كباب..فكذبت علي كمال..وسايرته وقالت: بس في الحلال..ففرح العبيط..وهات يا تنطيط..لحد ما خبط راسه في الحيط..فنقلوه للمستشفي..وزارته باتعة وهو يتمشي..ومعها لفة ممبار..وزبادي وخيار..فانفتحت نفس كمال..شوية وعلي ودنها مال..وسألها: بتقبضي كام عند زوبة..اللي بطحتني بالطوبة..فقالت: ميه كل أسبوع ..ودا مبلغ جربوع..وعشرين يومية..بادفعهم مواصلات رايحة جاية..فقال ولا يهمك ياروحي..صبرك لما تخف جروحي..بكره تقبضى قدهم مرتين..من معلمي ملك السمين..وتكررت الزيارات..وسمعت باتعة من كمال العجيب من الحكايات..وعاد كمال..ليستأنف لم المال..وأخبر معلمه التخين..ملك السمين..إنه هايتجوز..وعايز يتجهز..فاشتغلت باتعة في محل ملك السمين..مع كمال المسكين..وبعد كام يوم..ظهرت علي وجهها الهموم..بعد أن شاهدت الحقيقة..دقيقة بدقيقة..كان الصبيان ..والمعلم الجبان.. يذبحون الكلاب..من وراء الباب..ويفرمون الملبس من لحمها ليكون كفتة..ويوضبون الأحمر منها لزوم الفتة..وبعد ما يهروها ضرب..يلفوها في شغت لزوم الطرب..والجلد يفرموه..وفي الرغيف يحشوه..علشان يحمروه..وحواوشي يبيعوه..فوقفت باتعة وراء كمال..وأخفت محمولها بين طيات الشال..وصورت بكاميرته الحكاية..منذ بدايتها وحتى النهاية..من أول دخول القطط والكلاب حتى تقديم لحومها كفتة وكباب..وظهرت في التلفاز..كبطلة حققت إنجاز.
وهنا قال المعلم مختار..الذي من سماع الحكاية لف حول نفسه ودار..لعبدو الرادار:
هى وبعدين هي وبعدين ؟؟
فقال سعد المجنون: في العهد الميمون..لا بعدين ولا قبلين..بلدك راحت ف الرجلين
وأقبل أبو الغوغاء جالب الأنباء..وسأل  في استياء..يعنى ها يعملوا محلات لحم حمير..يحشوا بها الفطير..ونحن نأكل كالطراطير
وهنا قال الرادار: هاتاكل برجرحمار..ورغيف حِمارشي..زي الحواوشي..وحماراتاكي..زي شكشاكي..وجشو نالدز..تاكل وتغمز..يا واد يا زين..للمزمازين..وبدال ما تزهق..تقوم تنهق.
وهنا انطلق المنشد المغمور..حنفي البعرور وقال وهو مقهور:

إحنا الشعب..إحنا الشعب..إللي أكلنا لحم الكلب
فرد عليه سعد المجنون..وهو متغاظ ومشحون:

إحنا الجماهير..وعددنا كتير..ياما أكلنا..لحمِك يا حمير

وهنا قال مسعد لملوم..وهو مهموم.. لاتأكلوا اللحوم‏!..وهذا عنوان مقال..منشور في الجرنال..في عامود شئون سياسية..عن أوضاعنا اللحمية..إذا كتب الأستاذ شريف..للناس في العهد النظيف.. لاتأكلوا اللحوم‏..‏لتبعدوا عن السموم..لاتقتربوا منها..بل ابعدوا عنها.. لأن تناولها بكافة أنواعها وأشكالها..يوقعكم في العديد من مشاكلها..فأكلها يعد مخاطرة كبري..وكأنكم تسممتم بسم الكوبرا.. ولدواعي الأمان والسلامة..ولعدم الحسرة والندامة..يتعين أن يكون وجودها علي مائدة الطعام محظورا..سواء أكنت جاموسا أو بعرورا.
وهنا أقبل أبو الغوغاء جالب الأنباء..وقال  في استياء: أكد أطباء متخصصون..في العهد الميمون..أن تناول لحوم الحمير النافقة والكلاب..يسبب الفشل الكلوي فتصبح العيشة هباب..وكذلك الالتهابات الكبدية..والأورام السرطانية..وقد تم ضبط أحد الجزارين..الجشعين المجرمين.. متورطا في بيع اللحوم المدمرة..نيئة أو محمرة.. واعترف بأن له مساعدين..مهمتهم تجميع الحمير والكلاب النافقة ثم التخزين.. ثم سلخها وتسليمها لبيعها للمستهلكين..أو للمطاعم الكيلو بعشرين.. وقد تم ضبط مائة وخمسين كيلو من هذه اللحوم..في أقل من يوم..متبلة بالبصل والفلفل والتوم..ثم اعترف صاحب الجزارة الحقيرة.. أنه يبيعها لأحد المطاعم الشهيرة..التي يتردد عليها كبار الشخصيات..وأولاد الذوات..وبعض الأحباب..من النواب..وانه يقوم بتوريد هذه اللحوم من سنين..ولا أحد يسأله شاريها منين؟؟..لظنهم أنه رجل أمين..وأن الطلب علي تلك اللحوم المتبلة..ذات الخلطة المفلفلة..طلب كثير..دون أن يدرى البهوات أنهم يأكلون لحم الحمير..في العديد من محلات السمين..في كرداسة وبولاق والعمرانية والبساتين.
وهنا قال الرادار..صاحب الأخبار..أن الدكتور مرسي جنيدي..ذو الأصل المجيد.وهو طبيب..وأخ حبيب..لاحظ في الزمن الأخير..تناقص أعداد الخيول والحمير..فأرسل بذلك منذ عدة أيام..لبريد الأهرام..وقال أنه سافر بالسيارة ثم القطار..فلم يشاهد في الحقول أي حمار..سواء بين البرسيم أو تحت الأشجار..وأصابته الدهشة وقال: جرى إيه..الحصاوي بألف وخمسميت جنيه؟؟ بعد أن كان أصحاب الحمير يوزعون الجحوش الصغيرة المولودة علي شلبي وسمير..لأنها كتير..ومن ثم تنه راجع.. للكثير من المصادر والمراجع..وبحث عن الأوبئة الحميرية..فاكتشف أن صحة الحمير ميه ميه..فأرسل يسأل أين اختفت حميرنا المصرية؟؟..هل تجمعت في محطة باب الحديد..للمطالبة بكادر حميري جديد..أم انتحرت دون أن تخاف..بسبب نقص البرسيم والأعلاف..وهل هناك علاقة بين اختفاء الحمار..وارتفاع الأسعار؟؟!!
وهنا صاح الحُجّاب..من وراء الباب..يعلنون قدوم الهباب..مسرور الهلاب
فسكتت فقر زاد عن الكلام المباح خشية  سيف مسرور السفّاح
وقالت في دلال وحِنْيّة..موعدنا يا مولاي في النيلة الجاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق